الثلاثاء، 15 يناير 2013

مصر والمتكالبون على قصعتها: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى



مصر والمتكالبون على قصعتها

{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ] [الأنفال:32]

الواقع الطبيعي أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا واغفر لنا، أو فأَرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، أو أي تعبير يدل على التوبة. ولكن كانوا من الغباء الشديد؛ وطبعا بسبب الطمس على قلوبهم؛ لأن الله يحول بين المرء وقلبه، فأعجز لسانهم أن يطلبوا لأنفسهم الخير والرحمة، بل طلبوا لأنفسهم الإبادة بحجارة مثل حجارة أصحاب الفيل، أو حتى أكثر من ذلك، فطلبوا لأنفسهم العذاب الأليم.. تذكرت الآية الكريمة والمعني عندما وجدت هجومًا غير مبرر ولا منطقي على الشيخ السعودي محمد العريفي، الذي كلف نفسه مشقة البحث والاسترجاع والإعداد ليخرج علينا بكلمة حق، لايراد بها غير الحق، وبمفاجأة يذكر فيها فضائل مصر وأهميتها حتى على السعودية ذاتها، وكم أسهب في وصف دَورها وخيراتِها على العالم، وصفات رجالها ونسائها، ووصية النبي (صلى الله عليه وسلم) بأهلها.
ثم أتبع خطبته بزيارة إلى مصر، دعمًا وتأييدا، وألقى بها عدة خطب في أماكن مختلفة، كل خطبة منها تبز ما قبلها.
كلام الشيخ محمد العريفي من شأنه أن يوحد الصف، ويقوي الانتماء للوطن، وأن يشعر المصري بمكانته وبعزته. خاصة أن خطابه جاء عامًّا لم يوجَّه لجهة بعينها، أو تدعيمًا لفصيل بعينه؛ ولكنه تكلم على مصر ودورها الريادي وفضلها على كل الدنيا، ثم دعا المستثمرين إلى الاستثمار بمصر.
ولكن الذين طمس الله على قلوبهم أوَّلوه وتدخلوا في نيّته. فمن قائل: إن كلامه دعم للإخوان المسلمين، وتأييد للرئيس مرسي.
فإن دعا للرئيس بالتوفيق والسداد في نهاية خطبته فهي عادة الخطباء في كل زمان، والدعاء للرئيس بالتوفيق هو واجب وأصل في الدين فتوفيقه توفيق لنا، ومن قائل:
 «العريفي وهابي لايعترف بالأزهرالشريف» ووصفه بالارهابي!!
وهو الممثل الفاشل المعروف بعدائه للثورة، وكأن الصمم أصابه فلم يسمع ماقاله الرجل عن الأزهر.
وقال البعض بضرورة مقاطعته وطرده من مصر.. وكأن البله أصابهم فلم يعوا كيف عبَّر الشباب عن سعادتهم بخطابه، وكيف شعروا بقيمة مصر وما كانوا يدرونها من قبل.
وقال المنسلخ من قيمه وعلى وجهه غضب ربنا:
«مصر لا تحتاج من يشهد بمكانتها.. ولا تحتاج إلى دعاة الوهابية».. وهو الذي أهان مصر بالاستقواء بالغرب.. نقول له:
ألم تر كم انهالت التعليقات على موقع التواصل اعجابا بما قدمه وأبدع فيه الشيخ الجليل بخطبته!!.
وأجمل الافتكاسات أن صحيفة "أنحاء" الإلكترونية الكويتية فجرت مفاجأة، تقرير يشير إلى أن خطبة العريفى عن "فضائل مصر" منقولة شبه حرفيا من مقالات للباحث السعودى الدكتور"محمد موسى الشريف" والتي نشرها بسلسلة مقالات في مجلة المجتمع تحت عنوان "فضائل مصر ومزايا أهلها".. وكان العريفى قد كتب في تغريدته: "البعض سألنى عن المعلومات التى ذكرتها بخطبتي عن مصر.. وأكثرها استفدتها من مقالات للصديق العزيز د. محمد موسى الشريف (فضائل ومزايا مصر)، وقد أذن". وهذا ما أكدته صحيفة "أنحاء" إنها اتصلت بالدكتور الشريف لسؤاله عن المقالات وعلاقتها بالخطبة، فأكد من أسطنبول أن العريفي اتصل به بعد الخطبة ليستأذنه فيما نقل بعد انتشار الخطبة.

صحيح أنه كان يجب أن يشير الشيخ العريفي لهذا أثناء الخطبة ولكن جل من لا يسهو،  لماذا لا نلتمس حسن النية، والخطبة ليست ضربا من الابداع والتأليف وإنما هي مجمعة من مصادر، كما أنها معلنة وصاحبها ربنا يعطيه الصحة على قيد الحياة. فأين هنا نية السوء!! فشكرا للدكتور "محمد موسى الشريف" صاحب المقالات وهو أيضا سعودي، وشكرا للشيخ العريفي صاحبة الخطب التي يقول فيها:
أتقرب إلى الله بحبي لمصر.. ويقول:
* مصر مهيأة لقيادة العالم وعلماؤها أسسوا لمناهجنا في الخليج.. وقال:
* إن مصر أولى بأموالنا من بنوك بريطانيا وسويسرا وكل أوروبا وقال:
 * أول ما بدأت المدارس بالمملكه السعوديه بدأت بالمعلمين المصريين وأول منهج مصري، وأول طريق معبد بين مكة وجدة صنعه مصريون، وأول من صلى بمكبرات الصوت في الحرم مصريون.
وتكلم عن التكية المصرية وعن كسوة الكعبة.. وقال:
* مصر ليست للمصرين فقط بل هي للمسلمين ككل عرب وعجم.
وبعد ذلك نجد من يقول بأن لديه «مخططًا» للاستحواذ على عقول المصريين وقلوبهم بخطبه الرنانة، تمهيدًا لدعوتهم للانضمام إلى جماعة الإخوان وتأييد الرئيس مرسي وحكومته!! وهذا المخطط تم رسمه في مكتب الإرشاد!!
يا ستير يا رب.. لن أقول: اتقوا الله؛ لأنكم لوعرفتم قدره لاتقيتموه حقا.. ولن أقول: حكّموا عقولكم؛ لأنه لو وُجدت لحكمتموها فعلا.. ولن أقول: اسمعوا وعوا؛ لأنه لو كان لديهم وعي لسمعوا ووعوا.
 فالمؤكد أن شيوخ السعودية قد هبوا لنجدة مصر من المتكالبين على قصعتها بالداخل والخارج؛ ولن يفلحوا ولو كره المجرمون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق